في هذه الحلقة سنعرفكم على مدينة قررت أن تعتمد على حل غير مألوف لمواجهة طبيعة المنطقة التي تعيش فيها، فاختارت أن تسكن الصخور والجبال، تتخذ منها مساكن لأحيائها وقبورا لأمواتها. وبعد آلاف السنين من اندثار ساكنيها بقيت منشئاتهم شاهدة على فرضهم سلطانهم على محيطهم الصخري. فمن تكون يا ترى؟
******************
هذه المدينة تقع في الأنباط وهي مملكة عربية قديمة قامت في صحراء النقب وسيناء والأردن واجزاء من شمال شبه الجزيرة العربية . كانت عاصمتهم المدينة التي نبحث عنها وتقع الآن في الأردن، و كانت محطة إستراتيجية تقع على مفترق طرق القوافل القادمة من اليمن وتربطها بالشام ومصر والبحر الأبيض المتوسط.
تمكن الأنباط من إستغلال موقع بلادهم لمرور شرايين التجارة بين الشام و اليمن ؛ و كذلك قاموا بالوساطة في نقل التجارة بين مصر و "الشام و أماكن أخرى من شبه الجزيرة العربية " ففرضوا ضرائب على التجارة والتجار. وقد كان ميناء غزة المفضل لدى الأنباط لقربه من المدينة التي نسأل عنها. فهل عرفتموها الآن؟
إنها مدينة البتراء او الرقيم، وهي عاصمة مملكة الأنباط وقد كانت تقع في محافظة معان في جنوب المملكة الأردنية الهاشمية. اسمها القديم "سلع" أي "الشهاق" بسبب تصميمها المخفي في الوديان الصخرية العميقة التي لا يمكن الدخول إليها إلا لمن يعرف دروبها. سماها الرومان Petra التي تعني في اللغة اللاتينية "الصخرة" (كما سموا الإقليم الذي ضم المنطقة Arabia Petra أي "بلاد العرب الصخرية") ويبدو أن الأنباط قد عرفوا المدينة باسم "الرقيم" بسبب كثرة النقوش على جدرانها وديانها وعماراتها. ولبلوغها يجب العبور عبر *السيق* هو الطريق الرئيس المؤدي للمدينة. ويمتاز بكونه شقا صخريا يتلوى بطول 1200 متر وبعرض يتراوح من 3 - 12 امتار، ويصل ارتفاعه إلى 80 متر.
وإضافة للبتراء فالأنباط استطاعوا إنشاء مبان منحوتة في الصخر وهو ما يظهر غنى الدولة آنذاك ما مكنها من جلب العمالة القادرة على صنع بيوت في قلب الجبال. ومن هذه المنشئات التي أبدعتها نذكر مدائن صالح او الِحجر وهي عبارة عن مدافن وقبور لاثرياء النبط والعرب ومعظم الواجهات الصخرية عائدة الى ما بين القرن الثاني قبل الميلاد الى القرن الثاني بعد الميلاد, والكتابات المنقوشة على بعض المدافن هي باللغة بالعربية بالخط النبطي (ليس باللغة النبطية) ومذكور بها اسم الراقد بالقبر واسم النحات واسم الملك النبطي حارثة وايضا اسماء الاصنام والاوثان وتكلفة نحت المدفن واسم القبيلة.
كانت هذه مملكة طوعت الصخر حتى صنعت منه بيوتا ومنشئات سكنتها وأسكنتها الأمل بزيارتها ذات يوم
******************
الفيديو الخاص بالمقال :
0 التعليقات:
إرسال تعليق
يمكنك ان تستخدم الإبتسامات بالضغط عليها لمعرفة الكود
يسعدنا تفاعلكم بالتعليق